عن كوة
عن كوة عن كوة عن كوة

يوسف كوة مكي

ينحدر يوسف من قبيلة الميري، أحدى المجموعات الخمسين المكونة لإثنية النوبة. وفي الفترة التي سبقت قيام حكام السودان بفرض الهوية العربية-الإسلامية عن طريق البندقية، كان والداه سعيدين بتربيته كمسلم، وأطلقا عليه اسما عربيا بدلا من الاسم الذي جرت العادة بإطلاقه على أول المواليد الذكور للنوبة، كوكو. لقد ترعرع يوسف معتقدا بأنه عربي، وذكر ذات مرة "إذا وصفتني بخلاف ذلك، قد أضربك." لقد تغير كل ذلك في المدرسة الثانوية، عندما توقف مدير المدرسة عن تدريسه، قائلا: "ما جدوى تعليم النوبة، الذين سيذهبون للعمل خدما في المنازل؟ ورد عليه يوسف من هو النوباوي؟

لقد توصل للإجابة بعد أن أصبح طالبا للعلوم السياسية بجامعة الخرطوم، مما جعله منغمسا في دراسة تاريخ النوبة. وحكى يوسف أنه كان في منزل أحد أصدقائه من أبناء النوبة ذات مساء، فشعر بالإحباط لدى سماعه طفل يقول للآخر "أنت فنان جيد، لكن لسوء الطالع، أنت أسود." ويضيف يوسف، من تلك اللحظة "بدأت أرفض فكرة الاستيعاب الثقافي، وقلت "سوف أشيد حضارتي، وعندئذ سأسامح كل من احتقرني من قبل."

وعندما كان لا يزال طالبا بالجامعة، ساعد في إنشاء حركة "كومولو"، أول تنظيم سياسي لشباب النوبة. في عام 1981، وتم انتخابه عضوا في مجلس النواب الإقليمي لإقليم كردفان، ليجد نفسه متهما بالعنصرية كلما تناول شأن النوبة. وبعد أن فقد الأمل في أي تغيير سياسي، قرر الانضمام للجيش الشعبي لتحرير السودان SPLA.

بالنسبة له، التحرير يعني احترام حقوق الجميع، وسعى من أجل تقرير المصير في معناه الأصلي وبالنسبة للنوبة أن يكون لهم الحق في اختيار نوع الحكومة التي ستحكمهم، ومع من ستحكمهم.

لقد وضع يوسف خلال السنوات التي قضاها حاكما وقائدا للحركة الشعبية لتحرير السودان في جبال النوبة مبدأ جديدا في الكيفية التي يكون عليها سلوك الثوار. رفض الظلم وسوء المعاملة، كما قدم بعض الجنود المتفلتين لمحاكم عسكرية. وأسس خدمة مدنية كانت فريدة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان، كما ترك للنوبة حرية الاختيار ما بين المقاومة والاستسلام. وصوتوا بأغلبية ساحقة للمقاومة.

كان يوسف كوة تجسيدا للقيم التقليدية للنوبة في التسامح السياسي والديني، وكان أبا لمقاومة ذات ثقافة نوبية، وأعطى قبائل النوبة ثقة بالنفس كانت أمضى أسلحتهم عندما أعلنت الخرطوم الحرب المقدسة في عام 1991. وقام النوبة، بعد أن شجعهم ليكونوا معتمدين على أنفسهم، بمحاربة الحظر الذي فرضته عليهم الخرطوم بإنشاء كلية لتدريب المعلمين، ومدرسة للتمريض، على الرغم من عدم وجود طبقة متعلمة بينهم.

في عام 1993، وبعد سنتين من المجاعة التي مات فيها الآلاف دون أن يسمع بهم أحد، وجد يوسف طريقه إلى أوروبا للبحث عن مساعدات لمواطنيه. لكنه رجع خالي الوفاض تقريبا، محبطا من لقائه الأول مع الغرب. وقد وصف ذلك بالقول: "لقد كنا مثل الرجل الذي يغرق في نهر، وهم واقفون على الضفة يشجعونه." وأضاف "نحن لا نخاف من الرصاص، لكن نشعر بالمرارة عندما يموت أناس كثيرون- خاصة الأطفال- بسبب الملاريا."

وقال ان لديه سرطان البروستاتا قبل 15 شهرا، كانت ليوسف أمنية واحدة- أن يرى السلام يتحقق قبل وفاته. ذلك الأمر لم يتحقق، لكن من المؤكد أن وجوده ساهم في استقلال جنوب السودان.

تبقى على قيد الحياة بعده زوجاته الثلاثة- فاطمة، وحنان، وأم مسار- وأبنائه الـ 14.
وسف كوة مكي، زعيم مقاومة نوبي، ولد في أغسطس 1945، وتوفى في 31 مارس 2001.